الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
297429 مشاهدة print word pdf
line-top
بذل الماء لعطشان من آدمي أو بهيمة محترمين

قوله: [ويجب بذله لعطشان من آدمي أو بهيمة محترمين] لأن الله تعالى غفر لبغى بسقي كلب، فالآدمي أولى. وقال ابن المنذر
أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المسافر إذا كان معه ماء فخشي العطش أنه يبقي ماءه للشرب ويتيمم.


الشرح: إذا كان مع المسلم ماء قليل فعطش فالواجب عليه أن يشرب هذا الماء ويتيمم لصلواته ؛ لأن الله تعالى يقول: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ويقول سبحانه: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ويقول فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فالعطش لا دواء له إلا شرب هذا الماء، وأما الطهور فقد أباح الله لنا الصعيد الطيب بدلا من الماء عند الحاجة إليه، وهكذا مثله إذا كان معه ماء قليل فعطش رفيقه، أو عطش آدمي غيره، فإن الواجب عليه أن يعطي ماءه لهذا العطشان ثم يتيمم لصلواته، لقوله تعالى عن نفس الإنسان: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وهكذا لو وجد في طريقه بهيمة تحتاج إلى الماء فالواجب أن يسقيها ويتيمم لصلواته، لما في هذا العمل من الأجر العظيم من الله، فقد أدخل سبحانه الجنة بغيا من بني إسرائيل لأنها سقت كلبا رأته يلهث من العطش، فرحمها الله بسبب رحمتها لهذا الكلب البهيم، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في كل كبد رطبة أجر .
وقول المؤلف (آدمي أو بهيمة محترمين) يخرج غير المحترم، كالكافر الحربي، والبهيمة التي يباح قتلها، كالسباع الضارية، وما أمرنا بقتله من الحيوانات المؤذية، كالخمس الفواسق، فمثل هؤلاء لا يؤثرهم بالماء، بل يحبس الماء لحاجته، ولو مات الكافر الحربي عطشا؛ لأن فيه خيرا للمسلمين لكونه عدوا لهم ويقوي أعداءهم، ولهذا يقتل متى قدر عليه، ويلحق به كل من أهدر دمه للزنا مع الإحصان، والردة عن الإسلام، ومن قتل مكافئا وأهدر دمه قصاصا، فلا يؤثر هؤلاء بالماء الذي معه، والله أعلم.

line-bottom